للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار وواحد في الجنَّةَ (١)، جعلنا الله منهم.

لكن هل يدخل في قوله: {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} أن الإنسان يتهور ولا يستعمل الحكمة، أو لا بد من استعمال الحكمة؟

الجواب: الثاني، لا بد من استعمال الحكمة؛ لأن التهور يحصل منه انعكاس المقصود، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يدع ما يمكن أن يقال خوفًا من المفاسد أو ما يمكن أن يفعل خوفًا من المفاسد، حتَّى، إنه لا يسب الرجل لسوء خلقه أو دينه، فإذا استأذن عليه لاقاه بوجه منشرح، كل ذلك من أجل التآليف؛ لأن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف (٢).

الفائدة الثالثة عشرة: أن هذه الصفات العظيمة من فضل الله تعالى لقوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}.

الفائدة الرابعة عشرة: أن كل من سعى في فعل الخير فإن الله تعالى يجود عليه؛ لأن قوله: {مَنْ يَشَاءُ} ليس لمشيئة مطلقة، بل لمشيئة مقيدة بالحكمة، ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤]، فمن كان أهلًا للرسالة أرسله، كذلك الله أعلم حيث يجعل آثار هذه الرسالة وأتباع هذه الرسالة، فمن كان أهلًا لذلك أعطاه، ومن لم يكن أهلًا حرمه،


(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب وترى الناس سكارى، حديث رقم (٤٤٦٤)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب قوله: يقول الله لآدم: أخرج بعث النار من كل ألف ... ، حديث رقم (٢٢٢) عن أبي سعيد.
(٢) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، حديث رقم (٢٥٩٣) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>