للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: الزكاة والصيام، الصيام أشق على الإنسان من الزكاة فلماذا لم يقدم؟

قلنا: أولًا: لا نسلم بهذا؛ لأن حب الإنسان للمال حبُّ شديد، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ} يعني: حب المال {لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]، وقال: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)} [الفجر: ١٩، ٢٠]، وربما يسهل على الإنسان أن يصوم عشرة أيام ولا يؤدي عشرة دراهم.

ثانيًا: الزكاة فيها نفع متعدي، نفع للإسلام ونفع للمسلمين، فإن من أصناف الزكاة سبيل الله وهذا نفع للإسلام، ومن أصناف الزكاة الفقراء والمساكين والغارمون، وهذه مصلحة للمسلمين، فمصلحة الزكاة متعدية، والصيام غير متعدٍ، فلذلك - والله أعلم بحكمته سبحانه وتعالى - صارت الزكاة تلي الصلاة.

الفائدة الخامسة: أنَّه لا بد أن يقترن بهذه الأعمال الصالحة الذل والخضوع لله عزّ وَجَلَّ، بحيث يشعر الإنسان أنَّه متعبد لله خاضع له، وهذا يفوت كثيرًا من الناس، أكثر الناس يؤدي الصلاة على أنَّها مفروضة عليه فقط لكن لا يشعر بأنه متعبد لله بذلك، وكذلك يقال في الزكاة، من أين أخذنا أنَّه ينبغي التنبه لذلك؟ من قوله: {وَهُمْ رَاكِعُونَ}.

والعجب أن الرافضة قالوا: إنه لم يعمل بهذا الآية إلَّا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقالوا: إنه أدى الصدقة وهو راكع، وجعلوا هذا من مناقبه، وحاشاه رضي الله عنه أن يكون ذلك من فعله؛ لأن الحركة في الصلاة غير محمودة، ليست محل حمد، فكونه إذا ركع جاءه الفقراء قال: خذ، خذ، خذ، هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>