للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ} هل الله في حاجة لأن يتولاه أحد؟

الجواب: الله عزّ وَجَلَّ ليس بحاجة لأن يتولاه أحد، لكنّ الدين بحاجة إلى أن يتولاه أهله، ومن تولى دين الله فقد تولى الله كما قال الله عزّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧]، ومن المعلوم أن الله عَزَّ وَجَلَّ لا يحتاج إلى نصر، لكن {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ} أي: تنصروا دينه {يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧].

وقوله: {وَرَسُولَهُ} لرسول عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى من يتولاه في حياته ويتولى سنته ويدافع عنها بعد وفاته، فيكون تولي الرسول بمعنى تولي سنته ونصرها، كما قلنا: إن تولي الله يعني تولي دينه ونصرة دينه.

وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} تولي المؤمنين إلى يوم القيامة؛ لأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق حتَّى تقوم الساعة وحتى يقبضوا قبل قيام الساعة؛ لأن الساعة لا تقوم إلَّا على شرار الخلق.

قوله: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}، لم يقل عزّ وَجَلَّ فإنه الغالب، بل قال {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ} ليكون دالًّا على شيئين:

الشيء الأول: أن من تولى الله ورسوله والذين آمنوا فهو من حزب الله.

الشيء الثاني: إرادة العموم أن حزب الله لا بد أن يكون غالبًا؛ لأن دين الله لا بد أن يكون غالبًا، فالمتمسك بدين الله؛ هو من حزب الله وهو غالب ولا بد، لكن الغلبة قد تكون في حال الحياة وقد تكون بعد الموت، ولهذا نجد الأئمة الذين لم

<<  <  ج: ص:  >  >>