للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا، وكل من القراءتين مفيد جدًّا، فنقول: إذا جعلناها بالجر تفيد أن الكفار سوى الكتابيين ممن اتخذوا ديننا هزوًا ولعبًا، وعلى قراءة النصب تفيد أن نتجنب الكفار ولا نتولاهم مطلقًا، لكن على قراءة الجر فيها إشارة إلى أن الكفار غير الكتابيين يتخذون ديننا هزوًا ولعبًا، فيجتمع فيهم السخرية منا واعتقاد أن ديننا لعب.

قوله: {وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} {أَوْلِيَاءَ}: جمع ولي أي: منصور تناصرونه وتعينونه وتتقربون إليه وما أشبه ذلك مما يقتضي أن يكونوا أولياء لنا لا أعداء.

قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي: اتخذوا وقاية من عذابه، وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه تقربًا إليه تبارك وتعالى، ولهذا قال بعضهم في تعريف التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، فجمع هنا بين العمل والإخلاص والعلم، أن تعمل بطاعة الله، "عمل" على نور من الله، "علم" ترجو ثواب الله، "إخلاص" لا ترجو الدنيا، وأن تترك ما نهى الله على نور من الله، تخشى عقاب الله، ولهذا إذا قلنا: إنها اتخاذ وقاية بفعل الأوامر فلا بد من ملاحظة الإخلاص؛ لأنه إذا لم يكن إخلاص لم تكن طاعة.

وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} هذه الشرطية من باب التحدي، يعني: إن كنتم صادقين في إيمانكم فلتتقوا الله؛ لأن الصادق في إيمانه لا بد أن يتقي الله، وأن يتجنب محارمه، أن يقوم بأوامره، فإن لم يفعل فإيمانه ناقص ضعيف، والآن الناس ضيعوا أمر الله وضيعوا أنفسهم، ويذكر عن عمر رضي الله عنه أنه قال: كنا أذلة فأعزنا الله بالإِسلام فمتى طلبنا العزة في غيره أذلنا الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>