للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنصارى بعد بعثة الرسول علموا الحق وأنكروه؛ فيكونون جميعًا تحت هذه المظلة، مظلة الغضب.

قوله: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} وسبب جعلهم قردة: هو أنهم تحيلوا على صيد الحيتان المحرم عليهم صيدها في يوم السبت، ليلتقطوها يوم الأحد.

يقول العلماء: يضعون شُبَّاكًا في يوم الجمعة، ويوم السبت سبحان الله ابتلاهم الله عزّ وجل بأن تأتي الحيتان شرعًا على الماء طافح من كثرتها لكن لا يجوز لهم أن يصطادوا؛ لأنه محرم عليهم، فكأنهم عجزوا عن تحمل هذا الحكم، فتحيلوا، فوضعوا الشِّبَاك يوم الجمعة، فتأتي الحيتان يوم السبت وفيها الشبك، فإذا كان يوم الأحد أخذوها، فالفعل ظاهره الإباحة؛ لأنهم لم يصطادوا يوم السبت، اصطادوا يوم الأحد، فلما كانت هذه الفعلة المحرمة شبيهةً بالحلال، مسخهم الله عزّ وجل قردة لأن القرد شبيه بالإنسان، انظر الجزاء من جنس العمل؛ صاروا قردة، هل هم صاروا قردة معنى أو حسًّا؟ صاروا قردة حسًّا، هذا الذي عليه جمهور المفسرين، وهو ظاهر القرآن، وإن كان بعض المعاصرين ذهب إلى أنهم كانوا قردة معنىً، أي: صاروا مثل القرود ليس عندهم أفكار بني آدم ولا عقول بني آدم، لكن يقال: الأصل هو الحقيقة. {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنفال: ٤١] الذي خلق الإنسان على هذا الوصف؛ قادر على أن يقلبه على وصف آخر، ولهذا قال: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥] فصاروا قردة، لكن هل بقوا؟

الجواب: لا؛ لأن المقصود من كونهم قردة أن يكونوا عبرة ونكالًا، ولا يلزم من هذا أن تتسلسل الذرية، ولذلك قال أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>