للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كله؛ لأنك ممتثل لأمر الله ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها, لكن الذي يدخل على الإنسان في هذه المسألة هو التأويل أحيانًا، إذ يقول لنفسه: المقام هنا ليس مقام تذكير أو أمر أو نهي؛ لعلي أتكلم في مكان آخر أو ما أشبه ذلك، هذا اجتهاد، والإنسان مأجور عليه إما أجران وإما أجر واحد، وأما أن يكلف الإنسان نفسه وأن يريد من الناس أن يصلحوا على يديه، هذا مستحيل، بل قال الله عَزَّ وَجَلَّ لنبيه عليه الصلاة والسلام: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود: ١٢] وقال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣] وقال: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦)} [الكهف: ٦] أما إذا كانت هذه الحال صفة دائمة فليحاول أن يعالجها فلا يكون جبانًا ولا يكون ثقيلًا على الناس أيضًا، والإنسان الذي يسأل الله دائمًا التوفيق والحكمة والسداد ييسر لذلك.

لكن لو قال قائل: أحيانًا تجد شخصًا على معصية ومن شكله تعرف أنه لن يقبل فما العمل؟

الجواب: ما أكثر هذا وما أكثر انتفاعهم من الناس، تجد الواحد منهم ليس على شكله سيما أهل الخير، هذا صحيح، وتظن أنه كذلك، لكن تجد نفسه لينة وهذا مجرب، فقد يكون حليق اللحية مسبل الثوب ووجهه ليس بوجه خير، لكن سبحان الله تجد قلبه لينًا، أقل ما يقول لك إذا لم تأته بعنف يقول: جزاك الله خيرًا وأسأل الله الهداية وهذا مجرب، خذ بيده لكن بسهولة وتنحى به عن الطريق قليلًا تجد فيه خيرًا كثيرًا، لكن بلاؤنا من

<<  <  ج: ص:  >  >>