للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أثبتم هذه فاقرؤوا قول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، ونضرب لهم الأمثال، ونقول: بالنسبة لليد الآن نشاهد مخلوقات لها أيدي متفاوتة تفاوتًا عظيمًا، وكذا الوجه والعين، كل الصفات في المخلوق متفاوتة، أفلا يمكن إذا ظهر التفاوت بين المخلوقات أن يكون التفاوت بين المخلوق والخالق، من باب أولى وأشد.

لكن لو قال قائل: هل القول في القرب كالقول في المعية أنها صفة حقيقية تليق بجلاله وكماله؟ الجواب: القرب والمعية بمعنى واحد، لكن القرب اختلف العلماء علماء السلف رحمهم الله أو علماء الخلف هل ينقسم كالمعية إلى عامة وخاصة أم لا؟ والظاهر أنه لا ينقسم، وأن القرب يختص بالعابد والداعي فقط، كما قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] هذا بالنسبة للداعي، وبالنسبة للعابد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد" (١) ولا يمكن أن نقول: إن الله قريب من الكافرين؛ لأن القرب شرف ورفعة، لكن نقول: إن الله مع الكافرين، كما قال تعالى: {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: ١٠٨]، فالذي يظهر لي أن المعية تنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة، والقرب خاص فقط ولا يكون عامًّا.

لو قال قائل: بعض العلماء يقسم علو الله عزّ وجل إلى: علو ذات وقدر وقهر، فعلو الصفات يدخل في أي الأقسام؟


(١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (٤٨٢) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>