للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧)} [الواقعة: ٨٣ - ٨٧] لا يمكن، لو يجتمع الخلق كلهم أن يردوا هذه الروح التي بلغت الحلقوم ما استطاعوا، إذًا: فالكل عبد لله بهذا المعنى، أي: بالعبودية الكونية.

أما القسم الثاني: العبودية الخاصة، فهي العبودية الشرعية، التي منها قول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] إلى آخره.

الفائدة الثالثة والعشرون: أن الله تعالى ألقى العداوة والبغضاء بين اليهود، لقوله: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} وهذا كلام حق صدق ليس عندنا فيه شك، وما نحسبه نحن من اجتماعهم فعلى خلاف الواقع، ولهذا قال الله تعالى: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: ١٤] لا تظن أنهم متفقون أبدًا ولذلك هم أحزاب شتى، وحتى داخل الحزب الواحد متفرقون؛ لأنهم لا يمكن أن يجتمعوا وقد ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء، لكن لاحظ أن العَدُوَّينِ إذا كان لهما عدو ثالث اجتمعا عليه لمقابلة العدو الثالث، فاجتماعهم الآن ليس لأنهم متحابون متآلفون، أبدًا ولا يمكن أن نصدق والله يقول: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} لكنهم اجتمعوا لهدف واحد ومصلحة واحدة ضد عدو واحد للجميع، وهذا الاجتماع لا شك أنه اجتماع ظاهري فقط مقصود لغيره وليس مقصودًا لذاته.

الفائدة الرابعة والعشرون: أن العداوة والبغضاء بين اليهود سوف تستمر، لكن إذا آمنوا تزول بلا شك، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "كنتم أعداء فألفكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله

<<  <  ج: ص:  >  >>