للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على شيء مجاهدتها على الإخلاص، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله أن يشرك بالله وهو يعلم ويستغفره لما لا يعلم (١)، فالشرك أخفى من دبيب النمل على الصخرة السوداء (٢)، لذلك يجب على الإنسان دائمًا أن يغسل قلبه من أدران الشرك، ويتفقده حتى لا يقع فيه وهو لا يعلم.

قوله: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} أولًا: الإعراب: {لَا خَوْفٌ} بالرفع، مع أن "لا" في مقام النافية للجنس، والمعروف أن لا النافية الجنس تنصب الاسم وترفع الخبر كما قال ابن مالك رحمه الله:

عمل إن اجعل للا في نكره ... مفردة جاءتك أو مكرره

فهنا نقول: لا، لم تنصب؛ لأنها كررت، وإذا كررت ألغيت، فيكون قوله: {لَا خَوْفٌ}: نافية، ولا نقول: للجنس، نقول: ليس عليهم خوف، أي: من المستقبل لأنهم آمنون ومطمئنون، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)} [الأنعام: ٨٢].

وقوله: {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي: على ما مضى؛ لأن ما مضى كله قد استوعبوه بطاعة الله، فلا يحزنون على ما مضى؛ لأنهم رضوا بعاقبته وثوابه ولا يخافون من المستقبل.


(١) رواه البخاري في الأدب المفرد، كتاب الأذكار، باب فضل الدعاء، حديث رقم (٧١٦)، وأبو يعلى في مسنده (١/ ٦٠) (٥٨) عن أبي بكر الصديق.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣١٩) عن عائشة، وأبو يعلى في مسنده (١/ ١٦٢) ٥٨، ٦١) عن أبي بكر الصديق، ولفظ الحاكم: "الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>