للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الموت، فسؤال الميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه من أحوال اليوم الآخر، ونعيم القبر وعذابه كذلك، وقيام الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلًا كذلك (١)، فكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يكون بعد الموت فإنه داخل في الإيمان باليوم الآخر.

الفائدة الخامسة: أن الإيمان وحده لا يكفي، لقوله {وَعَمِلَ صَالِحًا} فلو أن الإنسان كان مقرًا بالله وباليوم الآخر وبالملائكة وبالكتاب والنبيين والقدر، ولكن ليس عنده عمل صالح، فإن عليه الخوف وله الحزن؛ لأن الله لم ينفِ الخوف والحزن إلا عمن آمن وعمل صالحًا.

فإن قال قائل: على هذا التقرير هل ترون أن ترك العمل الصالح، يكفر به الإنسان؟

الجواب: لا، لأن التكفير شيء، والخوف من الذنوب والحَزَن على ما فات شيء آخر، ولا نطلق الكفر إلا على من كفره الله ورسوله؛ لأن التكفير حكم شرعي يترتب عليه أمور عظيمة، والأحكام الشرعية لا تتلقى إلا من الشرع، فلا يجوز أن نصف أحدًا بأنه كافر دون أن يكون كافرًا بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، ولا أن نسلب عنه الكفر إذا كان الكتاب والسنة يقتضي


(١) انظر: صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف الحشر، حديث رقم (٦٥٢٧)، صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، حديث رقم (٢٨٥٩) عن عائشة، ولفظ البخاري: "تحشرون حفاة عراة غرلًا". قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله! الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ ! فقال: "الأمر أشد من أن يهمهم ذاك".

<<  <  ج: ص:  >  >>