قوله:{وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا} منهم من كان من أولي العزم كموسى وعيسى، ودليل ذلك قوله تعالى:{وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}[المائدة: ٧٢] وقوله تعالى عن موسى: {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الأعراف: ١٠٥] وفي سورة الصف ذكر هذا وهذا، ومنهم من دون ذلك، أرسل الله إليهم الرسل.
وقد قال بعض العلماء: تحتمل الآية أن العهد الذي أخذه الله على بني إسرائيل؛ هو ما فطر الله الخلق عليه من توحيده تبارك وتعالى، فيكون في قوله:{لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: بالتوحيد {وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا} بالرسالة، للجمع بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل.
وقوله:{وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا} لم يبين الله تبارك وتعالى عددهم؛ لأن المهم الجنس وليس العدد، فماذا كان موقفهم من الرسل؟
قال الله تعالى:{كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ)} كما: أداة شرط، وهي مع كونها شرطية تفيد التكرار، انظر إلى قوله تعالى:{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}[البقرة: ٢٠] تفيد التكرار، والشرطية يعني أنهم لا يمشون إلا إذا أضاء لهم، وكل ما أضاء لهم مشوا فيه، وفي هذه الآية:{كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا} بعض المفسرين زعم أن في الآية حذفًا، والتقدير: كما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم عصوا ففريقًا كذبوا وفريقًا يقتلون، ولكني أرى أنه لا حاجة لهذا التقدير، وإذا لم يكن حاجة للتقدير فإن