للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} هؤلاء النصارى الذين لم يناصروا عيسى ولم يكونوا من حواريه، قالوا: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} -نسأل الله العافية- والشبهة التي أحدثها الشيطان لهم، أنه خُلق بلا أب، والعجب أنهم يقولون: إن الله هو المسيح ابن مريم، ثم يقولون: إن عيسى ابن مريم ولد بغي، فيقذفون أمه من وجه، وينزهون أمه ويعلونها من وجه آخر حسب زعمهم.

وقوله: {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} كلمة "هو" ضمير فصل، وضمير الفصل له ثلاثة فوائد: التأكيد، والحصر، والفصل بين الخبر والصفة، الفصل يعني التمييز بين كون ما بعده خبرًا أو صفة، ففي قوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}، "هو" ضمير فصل يفيد أن هؤلاء أكدوا أن الله هو المسيح، ويفيد حصر الله عزّ وجل في المسيح وأنه لا يتعداه ويفيد أن قوله: {الْمَسِيحُ} خبر وليس بصفة.

وقوله عزّ وجل: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} المسيح وصف لرجل من أولياء الله ورجل من أعداء الله، الرجل الذي من أولياء الله: عيسى ابن مريم، والرجل الذي من أعداء الله: الدجال، وقد سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - مسيحًا حيث أمر أن نستعيذ بالله من فتنة المسيح الدجال (١).

وأما تكايس بعضهم، يعني: بطلب الكيس وقوله: إن


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، حديث رقم (١٣١١)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستفاد منه في الصلاة، حديث رقم (٥٨٨) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>