لو قال قائل: أهل العلم قسموا الشرك إلى أكبر وأصغر، ودلالة القرآن تدل على أن الشرك قسم واحد، فهل هذا المشرك شركًا أصغر يعذب في النار ثم يخرج، أم أنه يخلد فيها؟
الجواب: الشرك الأصغر لا يوجب الخلود في النار، لكن هل هو داخل تحت المشيئة؟ يعني إن شاء الله غفر له أي: لصاحبه أو لا؟ في هذا احتمالان، فقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ٤٨] يحتمل أن المراد الشرك الأكبر والأصغر، وأن يكون الشرك الأصغر لا بد له من توبة، ويحتمل أن المراد {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ٤٨] يعني الشرك الأكبر الذي قال فيه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
الفائدة الثانية عشرة: أنه لا مأوى للخلق إلا أحد أمرين: إما الجنة، وإما النار، ليس هناك شيء وسط، كما أنه ليس بعد الحق إلا الضلال، وليس بعد الإيمان إلا الكفر قال تعالى:{فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}[التغابن: ٢]، وفي الجزاء قال تعالى:{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}[هود: ١٠٥] أي: ومنهم سعيد، لا يوجد ثالث.
فإن قال قائل: وماذا تقولون فيما جاء في القرآن الكريم في أصحاب الأعراف؟
الجواب: أصحاب الأعراف يحبسون في مكان مطل على أهل النار ومبصر لأهل الجنة، محبوسون على حسب ما تقتضيه حكمة الله، ومآلهم إلى الجنة، كما قال عزّ وجل:{لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}[الأعراف: ٤٦] فصار هؤلاء، أعني أصحاب الأعراف