للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من فصل، فقال: إذا كانت التوبة من ذنب مصر على جنسه فإنها لا تقبل، كما لو تاب من النظر إلى النساء، ولكنه مُصر على غمز النساء، فهنا لا تقبل التوبة؛ لأنه مصر على جنس الذنب، فالجنس واحد وإن كانت الأفراد مختلفة، أو الأنواع مختلفة.

فمنهم من قال: تقبل التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره، لكنه لا يستحق أن يوصف بأنه تائب على الإطلاق، بل نقول: هو تائب من كذا، فيستحق توبة مقيدة، فلا يعطى الوصف المطلق، ولا يسلب مطلق الوصف، بل يقال: هو تائب من كذا، وهذا هو أعدل الأقوال؛ لأن هذا فيه العدل، إذ لا يمكن أن ننفي عنه التوبة مطلقًا ولا يمكن أن نثبتها مطلقًا، نقول: هذا تائب، لكنه لم ينجُ من العذاب؛ لأنه مصر على معصية أخرى فسيعاقب عليها.

الفائدة الثانية: عرض الله تبارك وتعالى على هؤلاء الكافرين أن يستغفروه أي: يطلبوا المغفرة، وطلب المغفرة له جهتان:

الجهة الأولى: أن يسأل الله المغفرة بالصيغة، أي: بصيغة المغفرة، فيقول: أستغفر الله، اللهم اغفر لي وما أشبه ذلك.

الجهة الثانية: أن يفعل ما يكون سببًا لمغفرة الذنوب، فمن فعل شيئًا هو سبب لمغفرة الذنوب فقد استغفر، مثال ذلك: "من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" (١) هذا الرجل لم يقل: اللهم اغفر لي خطاياي، ولكنه


(١) رواه البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، حديث رقم (٦٠٤٢)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، حديث رقم (٢٦٩١) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>