ابن مريم بنت عمران، وسمي مسيحًا؛ لأنه كان لا يمسح ذا عاهةٍ إلا بريء بإذن الله، وأما المسيح الدجال فإنه يسمى مسيحًا؛ لأنه ممسوح العين أعور، وقيل: لأنه يمسح الأرض بالسير عليها؛ لأنه يسير فيها كالسحاب إذا استدبرته الريح.
وقوله:{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ} يعني: وليس إلهًا كما زعم هؤلاء، بل هو رسول مرسل من قبل الله عزّ وجل.
قوله:{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أي: مضت من قبله الرسل فليس ببدع من البشر؛ لأن الرسل سبقوا فهو مثلهم.
قوله:{وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} يعني أمه من الصديقات، أي: الصادقة في القول والعقيدة، المصدقة لمن قامت الأدلة على صدقه؛ لأن الصديق هو الصادق المصدق، قال الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)} [الزمر: ٣٣]، هذا هو الصديق، فأمه رضي الله عنها صديقة، وهي من النساء الكمَّل التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع -وذكر منهن- مريم بنت عمران"(١).
قوله:{كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ}"كَانَا": الضمير يعود على المسيح وأمه، {يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} فهما محتاجان للغذاء، مفتقران إليه، فلا يصح أن يكونا إلهين؛ لأن الإله مستغنٍ عن غيره، كما قال الله تعالى في وصف نفسه:{وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ}[الأنعام: ١٤].
(١) رواه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ... } [التحريم: ١١]، حديث رقم (٣٢٣٠)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين، حديث رقم (٢٤٣١) عن أبي موسى.