ومن المعلوم أن أهل التفويض كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: من شر أهل البدع والإلحاد؛ لأنه يلزم على كلامهم لوازم فاحشة جدًّا.
منها أن الرسل لا يعلمون معاني ما نزل إليهم.
ومنها: أن الرسل لا يعلمون معاني ما يقولون، ولا أحد لا يعلم معنى ما يقول إلا أن يكون مبرسمًا أو مجنونًا.
ومنها: أن هذا القول فتح بابًا لأهل الإلحاد؛ لأنك إذا قرأت قوله: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢)} [الحشر: ٢٢]، إلى آخر السورة وقلت: والله لا أدري معاني هذه الأسماء ولا أعرف معانيها، جاءك أهل الإلحاد وقالوا: تنحَ عن المعترك، نحن الذين نعرف معانيها، ثم يؤولونها، بل ثم يحرفونها على ما يريدون، ولذلك هذا الذي ينسب إلى السلف فتح باب الإلحاد على مصراعيه، فمن ثَمَّ يكون لا فائدة من القرآن ولا من السنة؛ لأنها غير معلومة، ثم لا حول ولا قوة إلا بالله، جعلوها غير معلومة في زبدة الرسالة وخلاصتها وهي: معرفة الله بأسمائه وصفاته.
إذًا الخلاصة: أن مذهب أهل التفويض مذهب باطل، ومن نسبه إلى السلف فقد أخطأ، فالتفويض عند السلف وأتباعهم في الكيفية، وهذا هو العقل؛ لأننا نعلم معنى استواء الله على العرش لكن لا ندري على أي كيفية، نعلم معنى نزوله إلى السماء الدنيا لكن لا نعلم على أي كيفية، ولا يحل لنا أن نتصور كيفية معينة.
الفائدة الثالثة عشرة: أن ما بينه الله عز وجل في كتبه المنزلة على الرسل، كله آيات، يعني: دلالات وعلامات على الحق، سواء من القرآن أو التوراة أو الإنجيل.