للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة السابعة: أنه لا بأس أن نطعم أهل الكتاب ويطعموننا، لقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} وحينئذٍ نقول: هل تجوز المهاداة بيننا وبين أهل الكتاب؟

الجواب: نعم، تجوز، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبِلَ هديتهم كما أهدت إليه المرأة اليهودية في خيبر الشاة المسمومة؛ لأن هذه المرأة سألت: أي شيء يعجب محمدًا؟ قالوا: يعجبه من الشاة ذراعها. فملأت الذراع بالسم وأهدتها للرسول عليه الصلاة والسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب فأكل هو ومن معه، من الذين أكلوا معه من مات، أما هو عليه الصلاة والسلام فإنه تأثرت لهواته، ولكن بإذن الله لم يؤثر فيه السم شيئًا، لكنه قال في مرض موته، كما روته عنه عائشة رضي الله عنها: "ما زالت كلة خيبر تعاودني، وهذا أوان انقطاع الأبهر مني" (١)

الأبهر: عرق معروف إذا انقطع هلك الإنسان.

ولهذا قال الزهري وغيره: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات شهيدًا بقتل اليهود له.

المهم: كون طعامهم حل لنا وطعامنا حل لهم يدل على جواز المهاداة بيننا وبين أهل الكتاب، لاسيما إذا رجونا منهم الإسلام، أو إذا أردنا أن نبين لهم أن الإسلام دين السلام، وأن الإسلام ما أنزله الله عزّ وجل ليفرض على الناس أن يسلموا، إنما فرض الله عزّ وجل على البشر أن تكون كلمته هي العليا، سواء بإسلام أم بجزية، ولذلك لو أن الكافر أراد أن يبذل الجزية ويبقى


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، حديث رقم (٤١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>