للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الخامسة: إثبات سخط الله عزّ وجل، لقوله: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، ومذهب أهل السنة والجماعة المتلقى من طريق السلف الصالح الصحابة والتابعين، إثبات هذه الصفة لله عزّ وجل، وأنه يسخط ويغضب، ويحب ويكره، ويبغض ويمقت، إلى غير ذلك مما أثبته الله لنفسه، فمذهب السلف الصالح: أننا نثبت هذا لله حقيقة، ولكن في علمنا ويقيننا أن ذلك لا يماثل صفات المخلوقين؛ لأن الله يقول: ليس كمثله شيء ولو أننا حرفنا وقلنا: السخط هو الانتقام لافترينا على الله كذبًا؛ لأنه يقال لمن فعل ذلك: أين دليلك على أن الله أراد هذا؟ ونحن متعبدون بظاهر اللفظ، والقرآن عربي ونازل باللغة العربية، لو صرفناه عن ظاهره لكنا افترينا على الله كذبًا بغير حجة، وما موقف الإنسان من ربه يوم القيامة، إذا اعتقد هذا الاعتقاد - أعني: الاعتقاد، أن السخط: هو إرادة الانتقام أو الانتقام - فالصواب في هذا المتعين الواجب على المؤمن الذي يريد إنقاذ نفسه، أن يجري آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها.

فإذا قال قائل: إن ظاهرها التمثيل، قلنا: كذبت، لا يمكن يكون ظاهرها التمثيل؛ لأن التمثيل معنى باطل، ولا يمكن أن يكون ظاهر كلام الله ورسوله شيئًا باطلًا بأي حال من الأحوال.

فإذا قال: هذا الظاهر، وأصر على ذلك، قلنا: أين الدليل لك على أن هذا هو الظاهر؟ إذا قال: إن العقل يمنع أن يقوم السخط بالله أو الغضب بالله أو الكراهة بالله، قلنا: عقل من؟ والعقل لا مجال له في الأمور الغيبية إطلاقًا، وإنما فَرْض العقل

<<  <  ج: ص:  >  >>