للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعوض، ولا يمكن أن تكون للسببية، وإذا قلت: أكرمتك بما أكرمتني، صارت للسببية، فالمنفي هو أن تكون الباء للعوض، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل أحد الجنة بعمله"، يعني لا يمكن أن يكون العمل كالدرهم بالنسبة للثوب في البيع لا يمكن هذا؛ لأن الله سبحانه وتعالى لو أراد أن يحاسبنا على أعمالنا، لكانت نعمة واحدة من نعمه تحيط بأعمالنا كلها، بل إن توفيقنا للعمل الصالح نعمة تحتاج إلى شكر.

فإذًا: لا يمكن أن يكون دخولنا الجنة -نسأل الله أن يجعلنا من أهلها- لا عوضًا عن العمل، لكن يكون سببًا، وبهذا الجمع يزول الإشكال، واعلم أنه لا يمكن أن يقع تعارض بين نصوص الكتاب والسنة، فإما أن لا يكون تعارض، وإما أن يكون تعارض بحسب فهم المستدل، أما أن يوجد تعارض بين كلام الله بعضه ببعض أو بين كلام الله جلَّ وعلا وما صح من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو بين سنة الرسول بعضها مع بعض، فهذا مستحيل.

الفائدة الثامنة والعشرون: إثبات الجنة وأنها أنواع، لقوله: {جَنَّاتٍ}.

الفائدة التاسعة والعشرون: أن الجنة ذات أنهار، مطردة تحت هذه القصور والأشجار، ولا يمكن للإنسان أن يتصور ذلك المنظر العظيم البهيج السار أبدًا؛ لأن الجنة فوق ما ندرك، كما قال الله عز وجل: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة: ١٧]، هذا في القرآن، وكما قال تعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن

<<  <  ج: ص:  >  >>