للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباده بما أحل لهم لقوله: {طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ}، ولو شاء الله عزّ وجل لحرم علينا طيبات أحلت لنا، كما حرم ذلك على بني إسرائيل حيث قال الله عزّ وجل: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠]، يعني: بسبب ظلمهم وعصيانهم حرم الله عليهم الطيبات، وتحريم الطيبات الشرعي بسبب الظلم مثله التحريم القدري بسبب الظلم، فإن الإنسان قد يحرم الطيبات تحريمًا قدريًّا لمعصيته، مثل: أن يكون رجلٌ إذا أكل اللحم، تأثر ومرض، هذا يجب عليه أن يجتنب أكل اللحم وهذا تحريم قدري؟

إنسان مثلًا: مريض بمرض السكر، إذا أكل الحلو ازداد عليه السكر وآلمه، فيجب عليه أن يجتنب السكر، هذا تحريم قدري، فلا تظن أن التحريم بسبب المعاصي هو التحريم الشرعي فقط، بل حتى القدري، ومن التحريم القدري أن يمنع الله نبات الأرض بسبب المعاصي كما قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)} [الروم: ٤١].

الفائدة الخامسة: إثبات المحبة لله عزّ وجل لقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

فإن قال قائل: هذا نفي وليس بإثبات؟

قلنا: نفيه محبة المعتدين يدل على ثبوت أصل المحبة، ولو كان لا يحب مطلقًا لم يكن لنفي محبته للمعتدين فائدة؛ لأنه أصلًا لا يحب، والذين قالوا: إن الله لا يحب لم ينكروا المحبة ولكن حرفوها، ففي الآية إذًا ردٌّ على منكري محبة الله عزّ وجل،

<<  <  ج: ص:  >  >>