للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أهل العلم: إنما استثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ لأن بها يقوم الجهاد في سبيل الله الذي به إعلاء كلمة الله، وهذه مصلحة عظيمة، فالناس إذا علموا أنهم إذا تسابقوا في هذه الأشياء رُخص لهم في أخذ العوض عليها سوف يكثرون المسابقة، سَيُحَصِّلون عليها شيئًا.

فإن قال قائل: لو أن الناس عدلوا عن هذه الثلاث في الجهاد إلى وسائل أخرى فهل يبقى الحكم فيها أو ينتقل إلى الوسائل الأخرى؟

الجواب: تعارض هنا اللفظ والمعنى، فمن كان لفظيًّا قال: يبقى الحكم فيها وإن لم تستعمل في الحرب، ومن نظر إلى المعنى قال: إنها إذا كانت لا تستعمل في الحرب فلا فرق بينها وبين الأشياء الأخرى، وهذا هو الأقرب، إلا إن هذا يعكر عليه:

أولًا: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه في آخر الزمان تبطل وسائل الحرب، ويعود الناس إلى السهام.

ثانيًا: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر: "أن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى بوم القيامة" (١).

ثالثًا: أنه ربما تسقط منفعة هذه الأشياء في مكان دون مكان، ففي المغارات والجبال لا ينفع فيها إلا الخيل.

فعلى كل حال: نحن نريد أن نحرر المسألة من الناحية الفقهية، نقول: إذا ثبت الحكم لعلة فإنه يزول بزوالها، فإذا قدرنا


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، حديث رقم (٢٦٩٥)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، حديث رقم (١٨٧٣) عن عروة بن الجعد البارقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>