قلنا: لا، ما ثبت أنه نقل عن معناه اللغوي إلى معنى شرعي فإنه إذا ورد في لسان الشارع يحمل على الحقيقة الشرعية، يعني: على المعنى الشرعي، ولهذا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:"لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"(١) هل نقول: المعنى: لا يقبل الله دعاء أحدكم؟ لا أحد يقول بذلك، مع أن الصلاة في اللغة الدعاء، لكن نقول: الحقائق اللغوية إذا نقلت إلى حقائق شرعية وجب أن تحمل على الحقائق الشرعية في لسان الشارع.
قوله:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الغسل المعروف هو إمرار الماء جريًا على العضو، يعني: يجري الماء عليه، احترازًا من المسح على العضو، "والوجوه" جمع وجه، وإنما سمي وجهًا؛ لأنه تحصل به المواجهة وأيضًا من وجه آخر لأنه وجه القلب، فالإنسان يعرف ما في قلبه مما في وجهه، ولهذا إذا سر الإنسان استنار وجهه، وإذا غم انقبض وجهه، فهو تحصل به المواجهة الحسية وهو وجه للقلب حقيقة؛ لأنه ينبئ عما في القلب.
إذًا:"الوجه" ما تحصل به المواجهة، وحدّه العلماء بأنه عرضًا من الأذن إلى الأذن، فالبياض الذي يكون بين العارض والأذن يعتبر من الوجه، وأما طولًا فإنه من منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية، وهذا الضابط من منحنى الجبهة أقرب من قول بعضهم من منابت شعر الرأس؛ لأنك إذا قلت: من منابت شعر الرأس؛ لزم أن تقول المعتاد، ليخرج الأفرع والأنزع؛ لأن بعض
(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور، حديث رقم (١٣٥)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، حديث رقم (٢٢٥) عن أبي هريرة.