للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتقوا جميع المحرمات وأحسنوا بفعل جميع الطاعات، هذه الآية يمكن أن نحملها على حالين:

الحال الأولى: حال من يذهب إلى التقشف ويخشى من الترفه المباح، فيتجنب الفواكه واللحم الشهي والشيء اللذيذ تعبدًا لله، فتحمل على من تورعوا عما أحل الله لهم خوفًا من الإثم فيقال لهم: ليس عليكم جناح فيما طعمتم إذا تمت هذه الشروط.

ولها محمل آخر، فيمن توفوا قبل تحريم الخمر وأيضًا قبل أن يعلموا بتحريمها فهذا يشمل من ليس عليهم جناح، فهم قد شربوا الخمر وهي في النهاية حرام لكن حين شربهم إياها، حلال؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يحرمها بتاتًا إلا بعد موتهم، وإن كانت قد نزلت الآيات تعرض بالتحريم وتقيد الحل، كما في قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: ٢١٩]، وفي قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣]، وهؤلاء أشكل على الصحابة حالهم لما حرمت الخمر، أي: أشكل على الصحابة حال الذين توفوا من قبل فأنزل الله هذه الآية، أنه ليس عليهم جناح؛ لأنهم لم ينتهكوا ما حرم الله، بل هم مؤمنون متقون محسنون.

وقوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، "المحبة" لو أردنا أن نحدها لم نستطع، فالإنسان لا يستطيع أن يحد المحبة أبدًا، مع أنها بيننا وهي من حياتنا اليومية في داخل البيت وخارج البيت، ولا نستطيع أن نحدها؛ لأن تعريف المعروف يزيده جهالة أو يزيد به جهلًا، ولذلك لما ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه روضة المحبين

<<  <  ج: ص:  >  >>