للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الرابعة: أن من أكل حلالًا بكسب حرام فعليه الإثم؛ لأنه لم يتقِ الله في كسبه، ولا بد أن يتقي الله عزّ وجل، وهل يكون غير الكاسب كالكاسب في هذا الإثم؟ نقول: أما إذا كان الشيء المحرم معينًا فهذا يكون الآكل كالكاسب، مثل أن أعرف أن هذه الشاة التي ذبحها إكرامًا لي قد سرقها من فلان فهذه حرام عليَّ أن آكلها.

أما إذا كان الإنسان يتعامل بالربا ويكسب من الربا برضا صاحبه المرابي، فإنه لا بأس أن تأكل من ماله إلا إذا كان امتناعك منه يؤدي إلى توبته فهنا امتنع، أما إذا كان كله على حدٍ سواء فكل ولا حرج عليك، ويدل لهذا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكل من مال اليهود واشترى من مال اليهود مع أنهم معروفون بأكل السحت وأخذ الربا ولم يستفصل ولم يقل لأي واحد منهم: هل كسبت بالربا.

وبناءً على ذلك إذا مات ميت ونحن نعرف أنه يتعامل بالربا، ويتعامل بالمباح فهل يلزم الورثة أن يبحثوا كيف كسب ذلك؟ لا يلزمهم، الإثم على الكاسب، إلا إذا علمنا أن هذا هو عين مال الغير، فيجب علينا أن نرده إلى صاحبه، لأننا علمنا أنه ليس ملكه، فإن شككت هل هو ملكه وأخذه بطريق شرعي أو سرقه فما الأصل؟ الأصل أنه له، ولا يلزمنا أن نقول لكل من أهدى إلينا هدية: من أين أتيت بها أنت سارقها أو جاءتك بطريق مباح؟ لو كنا مكلفين بهذا لشق علينا مشقة شديدة، لكن الحمد لله أن الأمور بظاهرها، مثلما سأل قوم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أناس يأتونهم بلحم وهم حديثو عهد بالكفر أي: أسلموا قريبًا، ولا يدري

<<  <  ج: ص:  >  >>