للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة السابعة: إثبات أن الله يحب، لقوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} والمحبة من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله، وكل صفة لها سبب فإنها من الصفات الفعلية؛ لأنها معلقة بهذا السبب، وهذه الصفة كسائر الصفات يجب على العبد أن يصدق ربه بها وأن يحمل كلام ربه على ظاهره وعلى ما تقتضيه اللغة العربية؛ لأن الله قال: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: ٣] يعني صيرناه باللغة العربية {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣]، لأجل أن نعقل هذا القرآن ونفهمه، وعليه فيجب أن نؤمن بأن الله يحب، ولو فسرناه بغير ظاهره لكنا معتدين على النص من وجهين: الوجه الأول: صرفه عن ظاهره، الوجه الثاني: إثبات معنىً على خلاف الظاهر، وهذه جناية على النصوص وتحريف للكلم عن مواضعه، ويوجد من هم مسلمون -لا شك في إسلامهم- يفسرون المحبة بأنها الثواب، أي: يثيب المحسنين، ونقول: عفا الله عمن مات ونسأل الهداية لمن بقي، هذا التفسير تحريف للكلم عن مواضعه؛ لأن الإثابة شيء والمحبة شيء آخر، وإن كانت المحبة يلزم منها الثواب، لكن لا يمكن أن نفسر شيئًا يلازمه إلا بدليل.

ثم أيما أبلغ في الحث على الإحسان، أن نقول: معنى الآية: والله يثيب المحسنين، أو أن نقول: والله يحب المحسنين؟

الثاني بلا شك، ولهذا لما قال الله عزّ وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]، ولم يقل: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني تصدقوا في دعواكم، بل قال: يحببكم الله؛ لأن محبة الله هي المقصود -أسأل الله أن يجعلنا من أحبابه- فلذلك نقول أيضًا: في تفسيرها بالثواب نقص في دلالتها

<<  <  ج: ص:  >  >>