للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما الذي أجبرك على هذا، هل تثبت لله الملل أم لا تثبت؟ إن من هو خير منك ممن سبقك من هذه الأمة وخير هذه الأمة لم يسألوا الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك أبدًا، عرفوا المعنى وأبقوا اللفظ على ما هو عليه، ما الذي دعاك إلى هذا؟ هل الحديث صريح في أن الله يمل؟ ليس بصريح، سياقه: "اكلفوا من العمل ما تطيقون" يعني تحملوا منه ما تطيقون، "فإن الله لا يمل حتى تملوا" (١)، يعني ما يمل من ثوابكم حتى تملوا من العمل، هذا معناه، وهو واضح، فان كان يدل على ثبوت الملل لله فالملل كسائر الصفات ملل يليق بالله لا يماثل ملل المخلوقين، ملل المخلوق تعب وإعياء وضيق نفس لكن لا يثبت هذا لله عزّ وجل أبدًا، مثل الغضب، أثبت الله لنفسه غضبًا ولا إشكال، في القرآن في عدة مواضع وفي السنة كذلك.

لو قال قائل: الغضب: غليان دم القلب لطلب الانتقام، الغضب يحمل الغاضب على التصرف السيئ حتى إنه يكسر الأواني ويطلق النساء ويعتق العبيد ويوقف الأملاك ويمزق الأوراق، بعض الناس يصل به الحد إلى هذا.

لو قال قائل: هل غضب الله الذي نثبته حقًّا كغضب المخلوق؛

الجواب: أبدًا إن الله تعالى إذا غضب فإنه لن يفعل سبحانه وتعالى إلا لحكمة، وغضبه دليل على قوته عزّ وجل وقوة سلطانه؛ لأن الغضب لا يصدر إلا من قادر على الانتقام، والعاجز لا يمكن أن يغضب، لو تضرب صبيًّا يغضب عليك لأجل أن ينتقم منك ماذا يفعل؟ يبكي ويحزن ويروح لأمه ويقول:


(١) تقدم الحديث السابق ص ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>