للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} إلى آخره، الجملة هنا خبرية، ومؤكدة بمؤكداتٍ ثلاث وهي: "اللام" و"نون التوكيد"، و"القسم المقدر"، لأن اللام موطئة للقسم.

ومعنى "يبلونكم": يختبرنكم، بماذا يكون الاختبار؟ قال: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}.

وقوله: {بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْد}، أي: الذي تصطادونه وهو محرم عليكم في حال الإحرام.

قوله: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} أي: تصيدونه باليد وتصيدونه بالرماح، وهذا على اختلاف حال الصيد، فما كان زاحفًا كانوا ينالونه بأيديهم، وما كان طائرًا كانوا ينالونه برماحهم؛ لأن الطائر أعلى، والطيران أسرع من الزحف؛ لكن مع ذلك يكون الطير نازلًا وهادئًا في طيرانه؛ لأن الذي يمسكه في جو السماء هو الله عزّ وجل، وهو قادر على أن يهبطه إلى قرب الأرض وأن يجعل طيرانه هادئًا.

وقلنا: إن الابتلاء هو الاختبار، لكن لأي شيء؟ قال: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}، {لِيَعْلَمَ} اللام هنا للتعليل، ويعلم: أي: يدرك عزّ وجل من يخافه بالغيب، أي: من يخاف الله بالغيب وهذه الجملة لها معنيان:

المعنى الأول: أنه يخاف ربه مع غيبته تبارك وتعالى عنه إذ إنه لم يرَ ربه لكنه عرفه بآياته، فيخافه وهو عزّ وجل غائب عن نظره، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١).


(١) تقدم في (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>