للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الخامسة: أن ما صاده المحرم ميتة لا يحل أكله لا له ولا لغيره، سواء قتله بالسهم، أو أمسكه وذبحه فإنه ميتة، وجه الدلالة: أن الله عبر عن صيده بقتله، ومعلوم أن القتل ليس ذكاةً، فيدل هذا على أن ما قتله المحرم من الصيود فهو ميتة، هذا ما قتله المحرم، لكن ما صاده المحل فهل يحرم على المحرم؟

الجواب: الصحيح أن في هذا تفصيل وأنه إن صاده للمحرم فهو حرام على المحرم، وإن صاده لنفسه أو لغيره من غير المحرمين فهو حلال للمحرم، وعلى هذا تدل الأدلة، ففي حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه كان في غزوة الحديبية غير محرم، فرأى حمارًا وحشيًّا فطلب من أصحابه أن يناولوه الرمح فأبوا عليه، ثم صاد الحمار وجاء به إليهم فأباحه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أنهم محرمون (١)؛ لكنه لم يصده لهم وإنما صاده لنفسه، ويهدي إلى من شاء، وهذا ظاهر أنه لم يرده لهم؛ لأنه لما طلب منهم الرمح أبوا عليه، ومقتضى الطبيعة أن مثل هذه القضية لا يمكن أن يريده لهم وهم الذين منعوا أن يساعدوه.

أما الثاني: وهو إذا صِيد الصيدُ للمحرم، فدليله حديث الصعب بن جثَّامة رضي الله عنه نزل به النبي -صلى الله عليه وسلم- كل ضيفًا، وكان رجلًا راميًا وسباقًا، فأخذ الرمح وذهب يصيد، فجاء بحمار وحشي، فرده النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، فلما رأى ما في وجهه قال له: "إنا لم نرده عليك إلا أنَّا حرم" (٢) يعني محرمين.


(١) رواه البخاري، كتاب الحج، باب قول الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ... } [المائدة: ٩٥]، حديث رقم (١٧٢٥)، ومسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم، حديث رقم (١١٩٦) عن أبي قتادة.
(٢) رواه البخاري أبواب الإحصار وجزاء الصيد، باب إذا أهدي للمحرم =

<<  <  ج: ص:  >  >>