على جنبين، لكن اللغة المشهورة الفصحى: أن كلمة جنب تطلق على الواحد والجماعة، فمن هو الجنب؟ الجنب من أنزل مَنِيًّا، وألحقت السنة به من جامع وإن لم ينزل، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل"(١).
وقوله:{فَاطَّهَّرُوا}، أصلها بالتاء لكن قلبت التاء طاءً، ولم يبيّن الله جلَّ وعلا كيف نتطهر، لكن الصيغة تدل على التعميم، لم يقل: طهروا جزءًا من أبدانكم، أو عضوًا من أعضائكم، بل قال:"اطهروا"، وهو شامل لكل البدن وله صفتان كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الفوائد.
وبهذا انتهى الكلام على مُوجب الحدث الأكبر، وقد ذكر في كلمتين فقط، وموجب الحدث الأصغر ذكر في كلمات متعددة، ووجه ذلك: أن الأعضاء في موجب الحدث الأصغر متعددة، وأما في الحدث الأكبر فالعضو واحد فقط وهو البدن كله، ولهذا ليس فيه ترتيب، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
انتهى الكلام الآن على الطهارتين الصغرى والكبرى، بالماء.
ثم قال تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} الآية، من هنا انتقل الكلام إلى
(١) رواه البخاري، كتاب الغسل، باب إذا التقى الختانان، حديث رقم (٢٨٧)، ومسلم، كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين، حديث رقم (٣٤٨) عن أبي هريرة.