والمستحيل والسابق واللاحق، فهي أعم ما يكون من الصفات، أعني: العلم، فمن تعلقها بالمستحيل قول الله تبارك وتعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، وهل يمكن أن يكون فيهما آلهة إلا الله؟ لا يمكن، ومع ذلك أخبرنا الله عزّ وجل بنتيجة هذا لو فرض، وأنهما أي: السموات والأرض تفسدا.
لكن لو قال قائل: قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} هل المراد آلهة تدبر وتصرف شؤون الكون، أو المراد آلهة تعبد فقط؟
الجواب: المراد الأول، أو يقال: آلهة حق؛ لأن الآلهة التي تعبد من دون الله وإن سموها آلهة فهي كما قال الله تعالى:{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا}[النجم: ٢٣]، فهي مجرد أسماء على غير مسمى.
ومن تعلقها أي: تعلق صفة العلم بالواجب، كل ما أخبر الله به عن نفسه من صفات الكمال، فهو علم بالواجب؛ لأنه يجب لله صفات الكمال، فإذا تحدث الله جلَّ وعلا عن كماله فهذا حديث عن علم بشيء واجب.
ومن تعلقها بالممكن، كل ما أخبر الله به عن مخلوقاته فهو من باب تعلق العلم بالممكن، فالله جلَّ وعلا يتحدث عن المخلوقات، قال تعالى:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤]، وما أشبه ذلك من الممكنات، وكذلك علمه بما يكون من عقوبات المذنبين وإثابة الطائعين هذا علم بالممكنات أيضًا، والجائز والممكن سواء، بعضهم يعبر بالجائز، وبعضهم يعبر بالممكن، ولا فرق.