{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ}[البقرة: ٢٢١] لا يهمنك فالخبيث باطل، والله عزّ وجل يقول:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}[الأنبياء: ١٨] انظر كلمات قوية {نَقْذِفُ بِالْحَقِّ} يعني نرمي بشدة {فَيَدْمَغُهُ} يصيب دماغه ولا يفلت ولا يبقى لحظة عين ولهذا قال: {فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبياء: ١٨]، والفاء للترتيب والتعقيب، وإذا فجائية تدل على مفاجأة الزهوق وأن الزهوق يكاد يكون قبل أن يدمغ، ولكن لا بد أن نلاحظ أن السيف بضاربه، يعني: لا بد أن يكون الحامل للحق قويًّا في ذات الله لا يهمه أحدًا في ذات الله، وحينئذٍ يندحر الباطل ويقوم الحق.
قوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} الفاء للتفريع، أي: فبناءً على ذلك وعلى كثرة الخبيث، اتقوا الله لا يعجبنكم كثرة الخبيث، وبتقوى الله يحصل المطلوب ويزول المرهوب.
وقوله:{يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} انظر النداء كيف يداخل القلب {يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} أي: يا أولي العقول، أي: يا أصحاب العقول، والمراد بالعقول ذوات الرشد وحسن التصرف وليس عقل الإدراك، قد يكون عند الكافر من عقل الإدراك أكثر مما عند المؤمن، لكن عقل الرشد منفي عن الكافر مطلقًا، ليس عنده عقل رشد؛ لأنه لو كان عنده عقل رشد لآمن ولم يكفر، إذًا يا أصحاب العقول، أي: العقول الراشدة التي تعرف ما ينفعها فتقوم به وما يضرها فتجتنبه.
قوله:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي: لتفلحوا، فـ"لعل" هنا للتعليل، والمعلل الاتقاء أي: تقوى الله، يعني: لأجل أن تفلحوا