للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك ما كان من بعض المسلمين حيث إنهم كانوا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، الرجل منهم يسأل: من أبي، وأين أبي؟ وما أشبه ذلك، فإن هذا من الأمور التي يجب السكوت عنها، فلو أن رجلًا قال للرسول عليه الصلاة والسلام: من أبي؟ فقال: أبوك فلان غير أبيه؛ لكان في هذا فضيحة له ولأبيه ولأمه، فالسكوت عنه هو الأدب.

كذلك إذا قال: أين أبي؟ فإذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أبوك في النار، أساءه بلا شك، وكان ذلك أيضًا إساءة إلى الأب، كذلك في الأشياء الواجبة لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب عليكم الحج" قال الأقرع بن حابس: أفي كل عام؟ (١) هذا السؤال غير وجيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو قال: نعم لوجبت، ولشق ذلك على المسلمين أفرادًا وجماعات، أفرادًا؛ لأن الإنسان إذا فرض عليه أن يحج كل عام يشق عليه، جماعات؛ لو أن الأمة الإِسلامية قيل لها: من قدر منكم أن يحج فليحج كل عام، ما الأرض التي تسعهم؟ لا تسعهم الأرض، فلهذا كان السؤال في غير وجهه، فما أعظم الجرم ممن سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته، أو أُوجب أو لم يجب من أجل مسألته؟

وقوله: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ} أي: يُظَهَرُ لكم جوابها تسؤكم.

قوله: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} يعني إن سألتم عنها في زمن الوحي الذي ينزل فيه القرآن تبد لكم، يبديها الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - الذي وجه السؤال إليه.


(١) تقدم ص ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>