قال الله عزّ وجل: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (١٠٢)} [المائدة: ١٠٢].
لما نهى الله عزّ وجل هذه الأمة أن يسألوا عن أشياء سكت الله عنها، وأنهم إذا سألوا عنها فلا بد أن تبين لهم حين نزول القرآن لئلا يبقى المسلمون في حيرة من دينهم، ولئلا يكون في الدين نقص، بَيَّنَ عزّ وجل أن مثل هذه المسائل قد سألها قوم من قبل هذه الأمة ولكن لم يقوموا بما أُوْجِبُوا به، وأَبْيَنُ مَثَلٍ لذلك: قصة البقرة حين قتل قتيل وشكوا فيمن قتله، فأمرهم نبيهم موسى - صلى الله عليه وسلم - أن يذبحوا بقرة، فظنوه يمزح معهم، {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[البقرة: ٦٧] من الجاهلين يعني: من المعتدين، ليس من الجهل الذي هو ضد العلم، كما قال الله تبارك وتعالى في الإنسان:{إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب: ٧٢] فقوله: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} يعني: ولن أعتدي فأَسْخَرَ بكم {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ}[البقرة: ٦٨] يعني: لا كبيرة في السن {وَلَا بِكْرٌ} ولا صغيرة {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ}[البقرة: ٦٨] هذا سؤال هل له داعي؟ ! لا، ليس له داعي، موسى عليه الصلاة والسلام قال: اذبحوا بقرة، يذبحون أي بقرة تكون ويحصل الامتثال؛ لأن البقرة معلومة الجنس، أما كونها معلومة اللون أو معلومة السنن أو معلومة الفعل فليس بلازم، انتقلوا إلى سؤال آخر {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا}[البقرة: ٦٩] سبحان الله! هل طولبوا بلون معين؟ لا {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} ليس فيها سوى الأصفر {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}