للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا قال الشاعر:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا

معنى البيت: أن نعماءكم عليّ ملكتم بها يدي ولساني والضمير المحجبا، فنعماؤكم أفادتكم هذه الثلاثة، فملكتموها.

فالشكر بالقلب: أن يعترف الإنسان بقلبه بأن هذه النعمة من الله عزّ وجل ويحب الله عزّ وجل لذلك، أي: لكونه أنعم، ولهذا جاء في الحديث: "أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم" (١)، والشكر باللسان الثناء على الله بها، كما قال الله تبارك وتعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} [الضحى: ١١] ومن ذلك -أي: من الشكر باللسان- القيام بكل قول يقرب إلى الله عزّ وجل.

أما الثالث فالشكر بالجوارح، أي: أن يقوم الإنسان بما يلزمه نحو هذه النعمة، فإذا كانت مالًا فقيامه بشكرها أن يؤدي زكاتها إلى أهلها، وكذلك أيضًا: إذا كانت عملًا آخر يحتاج إلى حركة بالجوارح فلا بد من أن يقوم بهذه الحركة، فالشكر إذًا: محله القلب واللسان والجوارح.

فإذا قال قائل: أيهما أعم الحمد أو الشكر؟ قلنا: بينهما عموم وخصوص وجهي، ومعنى وجهي أي: أن أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من الآخر من وجه، فباعتبار السبب الأخص الشكر؛ لأن سببه النعمة، وأما الحمد فسببه النعمة وكمال المحمود حتى وإن لم ينعم، ولهذا نحن إذا حمدنا الله عزّ وجل فإننا نحمده على كمال صفاته وعلى كمال إنعامه وإحسانه.


(١) تقدم تخريجه ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>