الفائدة السادسة: ذم أولئك الذين يقولون بلا علم وأنهم قد فقدوا عقولهم، لقوله:{وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} وصدق الله عزّ وجل؛ كل إنسان يقدم على الفتوى بالتحليل أو التحريم أو الإيجاب بدون علم فهو غير عاقل وإن ظن أنه صار إمامًا فإنه غير عاقل، وسيفضحه الله عزّ وجل إما في الدنيا وإما في الآخرة، يعني: قد يمهل الله له ويكون إمامًا في وقت ما لغفلة الناس وعدم العلماء، ولكن النتيجة سوف يكون مخذولًا والعياذ بالله؛ لأن كل من ابتغى الإمامة في غير دين الله فإنه مخذول.
الفائدة السابعة: أن التحري في الإفتاء من العقل، ولقد كان السلف الصالح يتدافعون الإفتاء ويؤجلون المستفتي، حتى إنهم ذكروا أن قومًا أتوا من خراسان من المشرق إلى المدينة يستفتون الإِمام مالكًا رحمه الله في مسألة فقال: أنظروني، وبقوا خمسة عشر يومًا ينتظرون الفتوى، وفي النهاية قال: ليس عندي علم، قالوا: سبحان الله! إمام دار الهجرة ليس عنده علم، ونحن قد أتينا من بلاد بعيدة وأقمنا في انتظار هذه الفتوى وتقول: ما عندي علم، قال: نعم، أقول: ما عندي علم، اذهبوا إلى قومكم قولوا: إن مالكًا يقول: ليس عندي علم. وهو إمام لكن الإنسان يعرف أنه سيقف بين يدي الله عزّ وجل، وسيسأله: لماذا حكمت في عبادي بما لم تعلم أنه حكمي أو يغلب على ظنك أنه حكمي، إذا كنت من أهل الاجتهاد.
فالمسألة خطيرة، نسأل الله أن ينجينا، الإنسان لولا أنه يقول: لعلي أكون إمامًا في الخير لقال: ليتني لم أرزق هذا العلم، ولكن نقول: نرجو من الله عزّ وجل التوفيق للصواب، وأن