وفي الآية أيضًا دليل على علو الله عزّ وجل لقوله:{إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} لأن النزول لا يكون إلا من أعلى، وعلو الله عزّ وجل أبين وأظهر من أن تقام عليه الأدلة، ولكن السلف وأهل السنة والجماعة اجتهدوا في تقرير الأدلة؛ لأن هناك من ينازع في علو الله عزّ وجل، وإذا وجد منازع فلا بد أن يكون له مقابل وإلا لضاعت الشريعة، يعني: أقول: العلو أَبْيَنُ من أن يحتاج إلى تكثير الأدلة، لكن لما كان في الأمة الإِسلامية التي تستقبل قبلتنا وتنحر نسيكتنا من ينكر العلو، صار لا بد أن نأتي بالأدلة من كل وجه، ومن أدلة العلو القرآن فهو مملوء بالأدلة على علو الله عزّ وجل العلو الذاتي، والسنة كذلك مملوءة وعلى جميع وجوهها: القول والفعل والإقرار، وإجماع الصحابة موجود، ما منهم أحد قال: إن الله ليس في السماء وهم يقرؤون القرآن ويسمعون السنة، ما أحد منهم قال: إن الله ليس في السماء، وعلى هذا فيكونون مجمعين على ما دل عليه الكتاب والسنة، وهذا الطريق به نعرف إجماع الصحابة أن القرآن يتلونه والسنة يسمعونها، ولم يرد عنهم ما يخالفها.
فإذًا: هم قائلون بها، فهذا طالبك إنسان بإجماع الصحابة على مثل هذه الأمور فقل: إنهم يقرؤون القرآن ويسمعون السنة، ويشاهدون الفعل من الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يرد عنهم ما يخالف ذلك، إذًا: هم مقرون بهذا لأنهم أهل اللسان وأعرف الناس بمعاني القرآن والسنة.
العقل أيضًا دليل على علو الله سبحانه وتعالى؛ لأن كل إنسان يعلم أن العلو صفة كمال وليس في هذا إشكال، وأن السفل صفة نقص، والرب عزّ وجل يجب له الكمال من كل وجه، ولهذا قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ