للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البغدادي في الباب الذي حكى فيه إجماعات أهل السنة: " وأكفروا أبا الهذيل بقوله بانقطاع نعيم الجنة وعذاب النار، وأكفروا من قال من الجهمية بفناء الجنة والنار " (١).

فإنكار الجهم لقضايا اليوم الآخر، معلوم عند العلماء، لذا انبرو للرد عليه وبيان ضلاله، وكشف انحرافه.

وأما الخوارج والمعتزلة:

فأنكروا جملة من الغيبيات المتعلقة باليوم الآخر، فأنكروا الشفاعة للعصاة وإنما أنكرت المعتزلة الشفاعة للعصاة؛ لأنها ضد العدل والاستحقاق، فإن من أصولهم الخمسة: إنفاذ الوعيد، ومعناه عندهم: " أن فساق الملة مخلدون في النار، لا يخرجون منها بشفاعة ولا غير ذلك " (٢)، قال الإمام ابن تيمية: " ومن أصول المعتزلة مع الخوارج: إنفاذ الوعيد في الآخرة، وأن الله تعالى لايقبل في أهل الكبائر شفاعة، ولا يخرج منهم أحد " (٣)، " وهذا لاعتمادهم على عقولهم الفاسدة، وأخذهم بالمتشابه من القرآن، وتركهم ... الأخبار المروية الثابتة في الصحاح " (٤)

وقد نص القاضي عبد الجبار المعتزلي، على أن الشفاعة خاصة للتائبين من المؤمنين (٥)، وبذا هو يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الشفاعة تكون لمذنبي أهل التوحيد، كما قال الإمام أبو عثمان الصابوني: " ويؤمن أهل الدين والسنة بشفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمذنبي أهل التوحيد، ومرتكبي الكبائر كما ورد بذلك الخبر الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٦).


(١) البغدادي: الفرق بين الفرق، دار الآفاق الجديدة - بيروت، ط ٢ - ١٩٧٧ م، ص (٣٣١).
(٢) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ - ١٤٠٨ هـ (٥/ ٨٥).
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، ت: عبدالرحمن بن قاسم (١٣/ ٣٥٨).
(٤) يحى العمراني: الانتصار في الرد على المعتزلة، أضواء السلف - الرياض، ط ١ - ١٤١٩ هـ (٣/ ٦٨٨).
(٥) القاضي عبد الجبار: شرح الأصول الخمسة ت: د. عبدالكريم عثمان، (٦٨٧).
(٦) الصابوني: عقيدة السلف أصحاب الحديث، مكتبة الوادعي - اليمن، ط ١ - ١٤٢٨ هـ، ص (٢٥٨).

<<  <   >  >>