للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كانت الآخرة والأولى بيده سبحانه وتعالى، كما قال: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)} [الليل:١٣] أخبر أن الآخرة خير من الأولى فقال سبحانه: ... {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)} [الأعلى:١٧] فـ " أخبر تعالى أن ما عنده من نعيم الجنة، ومواهب الآخرة، خير لمن اتقى، وعلم واهتدى، ثم بين الفرق بين حال الدنيا، وحال الآخرة، بأن هذه تنفد وتنقضي عن الإنسان، أو ينقضي عنها، ومنن الآخرة باقية دائمة" (١)، فذكر سبحانه وتعالى أن " آخرة المتقي خير من دنياه " (٢)، فقال سبحانه وتعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧٧)} [النساء:٧٧] وقال: {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)} [الزخرف:٣٥] ولهذا يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة، فيقولون: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر:٧٤] {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف:٤٣] ... {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر:٣٤] وهذا من مقتضيات حمده في الآخرة، قال تعالى: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ} [سبأ:١].

- وفي مقام ذم المكذبين للمعاد، يقول جل وعلا: {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (٧٤)} [المؤمنون:٧٤] قال ابن عباس رضي الله عنهما: لناكبون: لعادلون، وقال الحسن: تاركون له، وقال قتادة: حائرون، وقال الكلبي: معرضون. قال الإمام أبو حيان بعد ذكر هذه الأقوال: " وهذه أقوال متقاربة المعنى " (٣).


(١) ابن عطية: المحرر الوجيز (٣/ ٤١٩).
(٢) ابن كثير: تفسير القران العظيم، ت: سامي سلامة (٢/ ٣٦٠)
(٣) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، (٧/ ٥٧٦).

<<  <   >  >>