للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} (الأعراف (٥٤)، أي: لابتداع خلق السموات والأرض عندكم من خلق الناس - إن كنتم تستعظمون خلق الناس- ولكن أكثر الناس لا يعلمون: أي لا يعلمون أن خلق جميع ذلك هيّن على الله عز وجل وفي هذا تنبيه من الله عز وجل لمن كذب بالبعث، فنبههم أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق الناس بعد موتهم وإعادتهم (١).

فالذي خلق السموات والأرض، ولم يكرثه خلقهن، بل قال لها: كوني فكانت، بلا ممانعة ولا مخالفة، بل طائعة مجيبة خائفة وجلة، أفليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ بلى إنه على كل شيء قدير (٢).

ومن هنا استدل على المشركين المنكرين للبعث بهذه الآيات في قدرته على البعث، فقال سبحانه وتعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)} (النازعات ٢٧ يعني: " أخلقكم بعد الموت أشد عندكم وفي تقديركم أم السماء؟ وهما في قدرة الله واحد (٣).

قال الإمام ابن عطية: " وفي هذه الآية دليل على أن بعث الأجساد من القبور، لا يتعذر على قدرة الله تعالى" (٤).


(١) القيسي: الهداية إلى بلوغ النهاية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة - الشارقة، ط ١ - ١٤٢٩ هـ (١٠/ ٦٤٥١).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (٧/ ٣٠٤).
(٣) البغوي: معالم التنزيل (٨/ ٣٢٩).
(٤) ابن عطية: المحرر الوجيز (٥/ ٤٣٤).

<<  <   >  >>