للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن تأمل عرف الحقيقة، ومن تفكر توصل إلى النتيجة، فأي الأمرين أشد وأصعب في تقديركم " أخلقكم بعد موتكم أم خلق السماء على عظمها وانطوائها على تعاجيب البدائع التي تحار العقول عن ملاحظة أدناها " (١). ولذا يقول الإمام ابن القيم: " ولهذا قل أن تجيء سورة في القرآن إلا وفيها ذكرها، إما إخبارا عن عظمها وسعتها، وإما إقساماً بها، وإما دعاءً إلى النظر فيها، وإما إرشادا للعباد أن يستدلوا بها على عظمة بانيها ورافعها، وإما استدلالاً منه سبحانه بخلقها على ما أخبر به من المعاد والقيامة" (٢).

(٣) تنبيه القرآن الكريم إلى النظر في العوالم الكونية يؤدي إلى إثبات اليوم الآخر:

كثيرا ما يُذكر المولى سبحانه وتعالى بآياته الكونية التي أُمرنا التفكر والتأمل والتدبر فيها، كما قال سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥)} [الأعراف:١٨٥]، وقوله سبحانه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)} [آل عمران:١٩٠].

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)} [البقرة:١٦٤].

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)} [يونس:٦].


(١) أبو السعود: إرشاد العقل السليم (٩/ ١٠١).
(٢) ابن القيم: مفتاح دار السعادة (٢/ ١٩٨).

<<  <   >  >>