للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الشواهد الحية المذكورة في القرآن العزيز، مع ضميمة ما أثبته القرآن من معجزة المسيح عيسى - عليه السلام - من إحياء الموتى بإذن الله، قال تعالى عن المسيح: {وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ..... } [آل عمران:٤٩].

فهذه الأمور التي قصها الله من إحياء الآدميين من بعد موتهم مرة بعد مرة ومن إحياء الحمار، ومن إبقاء الطعام والشراب مائة عام لم يتغير، ومن إبقاء النيام ثلاثمائة وتسع سنين، ومن تمزيق الطيور الأربعة، وجعلهن أربعة أجزاء على الجبال، ثم إتيانهن سعياً لما دعاهن إبراهيم الخليل - عليه السلام - فيها أنواع من الاعتبار، منها: أن هذا من أعظم الدلالة عل إمكان معاد الأبدان، وإعادة الأرواح إليها، فإنه لا أدل على إمكان الشيء من وقوعه، أو وقوع نظيره، فلما كان هذا واقعاً، علم أنه ممكن (١).

(٥): أن الله سبحانه وتعالى أثبت إمكان الحشر والنشر، بناءً على أنه تعالى قادر على أمور تشبه الحشر والنشر، وقد قرر الله تعالى هذه الطريقة على وجوه فأجمعها ما جاء في سورة الواقعة (٢). فقد احتج سبحانه وتعالى على إمكان المعاد في هذه السورة بأمور أربعة:

الأول: قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩)} [الواقعة:٥٨ - ٥٩].

وهذا احتجاج على المكذبين بالبعث بالقدرة على ابتداء الخلق، كما قال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} [يس:٧٨] (٣)


(١) ابن تيمية: الصفدية، مكتبة ابن تيمية - مصر، ط ٢ - ١٤٠٦ هـ (١/ ١٨٦).
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ - ١٤٢٠ هـ (٢/ ٣٥٤).
(٣) الزجاج: معاني القرآن وإعرابه، عالم الكتب - بيروت، ط ١ - ١٤٠٨ هـ، ص (١/ ١١٤).

<<  <   >  >>