للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما حصل لأهل الكهف من أحداث تُعد من كراماتهم، وإسباغ ألطاف الله تعالى عليهم، وهي في ذاتها دليل يقيني على البعث والمعاد، ولذا أشار سبحانه وتعالى لهذا المقصد الأساس من سرد أحداث هذه القصة فقال: " وكذلك أعثرنا عليهم" أي: كما بعثناهم بعد طول رقدتهم، وكذلك أعثرنا عليهم، أي: أطلعنا عليم الفريق الذي كانوا في شك من بعث الأجساد، ليعلموا أن وعد الله حق: أي: في بعث الأجساد يوم القيامة. وأن الساعة لا ريب فيها: أي إتيانها لا شك فيه (١).

وقد ذكر غير واحد من السلف، أنه كان قد حصل لأهل ذلك الزمان شك في البعث، وفي أمر القيامة، وقال عكرمة: كان منهم طائفة قد قالوا: تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد، فبعث الله أهل الكهف حجة ودلالة وآية على ذلك (٢)، فأطلعهم الله تعالى على أصحاب الكهف، فاستدلوا بهم على صحة بعث الأجساد، لأن انتباههم بعد ذلك النوم الطويل، يشبه من يموت ثم يبعث (٣) والنوم أخو الموت.

إن العبرة في خاتمة هؤلاء الفتية، هي في دلالتها على البعث، بمثل واقعي محسوس، يقرب إلى الناس قضية البعث، فيعلموا أن وعد الله بالبعث حق وأن الساعة لا ريب فيها، وعلى هذا النحو بعث الله الفتية من نومهم، وأعثر قومهم عليهم (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإن قصة أصحاب الكهف هي من آيات الله، فإن مكثهم نياماً لا يموتون ثلاثمائة سنة آية دالة على قدرة الله ومشيئته، وأنه يخلق ما يشاء، وهي آية دالة على معاد الأبدان" (٥).


(١) مكي بن أبي طالب: الهداية إلى بلوغ النهاية، مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة - الشارقة، ط ١ - ١٤٢٩ هـ (٦/ ٤٣٥٢).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ت: سامي سلامة (٥/ ١٤٦).
(٣) ابن عادل: اللباب في علوم الكتاب، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ - ١٤١٩ هـ (١٢/ ٤٥٢).
(٤) سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت، القاهرة، ط ١٧ - ١٤١٢ هـ (٤/ ٢٢٦٤).
(٥) ابن تيمية: الجواب الصحيح، ص (٥/ ٣٨٤)، ابن تيمية: الرد على المنطقيين ص (٣١٩).

<<  <   >  >>