للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحب خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي ملئ قلبه إيماناً ويقيناً أن يترقى في درجات اليقين من العلم إلى المشاهدة والمعاينة، فهو يعلم من كمال قدرة الله عز وجل، أنه يحيي ويميت، ولذا ناظر بها النمرود فقال: "ربي الذي يحيي ويميت"، فأحب أن يترقى من علم اليقين في ذلك إلى عين اليقين، وأن يرى ذلك مشاهدة (١)، فقال: " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ".

قال الإمام الرازي: "وهي أيضاً دالة على صحة البعث" (٢).

ومع ما في هذه الآية الكريمة من دلالة على ولايته تعالى للمؤمنين، إلا إن فيها دليلاً واضحاً، وبرهاناً ساطعاً على فضل نبي الله إبراهيم، قال أبو السعود: وناهيك بالقصة دليلاً على فضل الخليل، وعن القرعة في الدعاء وحسن الأدب في السؤال، حيث أراه الله تعالى ما سأله في الحال عل أيسر ما يكون من الوجوه (٣).

فهاتان الآيتان المتتاليتان دليلان عظيمان محسوسان في الدنيا قبل الآخرة على البعث والجزاء، واحد أجراه الله على يد رجل شاك في البعث على الصحيح، كما تدل عليه الآية الكريمة، والآخر على يد خليله إبراهيم (٤).

(و) وقال تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (١٢)} (الكهف (١٠ - ١٢)، وقال سبحانه وتعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ .... } [الكهف:١٩].


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (١/ ٦٨٩).
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب (٧/ ٣٤).
(٣) أبو السعود: إرشاد العقل السليم (١/ ٢٥٧).
(٤) السعدي: تيسير الكريم الرحمن، الرسالة، ط ١ - ١٤٢٠ هـ، ت: عبدالرحمن اللويحق، ص (٩٣).

<<  <   >  >>