للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فإن النار صاعدة، والشجرة هابطة، وأيضاً النار لطيفة، والشجرة كثيفة، وأيضاً نورانية، والشجرة ظلمانية، والنار حارة يابسة، والشجرة باردة رطبة، فإذا أمسك الله تعالى في داخل تلك الشجرة الأجزاء النورانية النارية، فقد جمع بقدرته بين هذه الأشياء المتنافرة، فإذا لم يعجز عن ذلك، فكيف يعجز عن تركيب الحيوانات وتأليفها " (١)!

إن أدلة إثبات المعاد وإمكانه كثيرة، ولها طرق عديدة، فمن طرقه التي يثبت بها غير ما ذُكر:

(أ) أن أسماء الله تعالى وصفاته، مستلزمة لإثبات المعاد واليوم الآخر، فمن تأمل" ما أخبر به الله ورسوله من شأن ذلك اليوم وأحكامه، وظهور عزته تعالى وعظمته، وعدله، وفضله ورحمته، وأثار صفاته المقدسة التي لو خلقوا لدار البقاء، لتعطلت وكماله سبحانه ينفي ذلك، وهذا دليل مستقل لمن عرف الله تعالى وأسمائه وصفاته على وقوع المعاد" (٢).

فمن تأمل اسم الله السلام، وجده متضمنا للكمال السالم من كل ما يضاده فمن عرفه هذا الاسم، ووفاه معناه، وجده مستلزماً لإرسال الرسل ... وإنزال الكتب، وشرع الشرائع، وثبوت المعاد (٣).

وكذا اسمه الحميد المجيد سبحانه وتعالى، يمنع ترك الإنسان سدى مهملاً معطلاً، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يثاب ولا يعاقب، وكذلك اسمه الحكيم يأبى ذلك (٤).

فهذه من موجبات أسمائه الحسنى ومقتضياتها الدالة على المعاد.

(ب) أن النظر في المفعولات، وما فيها من ابتداء الشيء في غاية النقص والضعف، ثم سوقه إلى تمامه ونهايته دال على وقوع المعاد (٥).


(١) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢/ ٣٥٥)
(٢) ابن القيم: شفاء العليل، دار المعرفة - بيروت، ١٣٩٨ هـ، ص (٢٤٤).
(٣) ابن القيم: أحكام أهل الذمة، رمادي للنشر - الدمام، ط ١ ١٤١٨ هـ (١/ ٤١٥)
(٤) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (١/ ٤١٩)
(٥) ابن القيم: الفوائد، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٣ هـ، ص (٢١)

<<  <   >  >>