للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام النووي في بين معنى الحديث:" ما الدنيا بالنسبة إلى الآخرة في قصر مدتها، وفناء لذاتها، ودوام الآخرة، ودوام لذاتها ونعيمها، إلا كنسبة الماء الذي يعلق بالإصبع إلى باقي البحر" (١).

- وحين يقارن بين مريد الدنيا، ومريد الآخرة:

روى الإمام الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ» (٢).

- وحين يقارن بين أهل الدنيا من أصحاب النار، وأشدهم بؤساً من أهل الجنة:

روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ» (٣). فهذه كلها صور من العناية النبوية، ببيان أحوال الآخرة.

(٣): ربط الأعمال الصالحة بثوابها وجزائها يوم القيامة، ومن أمثلتها:


(١) النووي: شرح صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٢ هـ (١٧/ ١٩٢).
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه في أبواب صفة القيامة، باب، ح (٢٤٦٥)،.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار ح (٢٨٠٧)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي.

<<  <   >  >>