للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ» (١).

قال الإمام ابن بطال: " قوله: لا يكلم: يعني: لا يجرح، الكلوم: الجراح وفيه: أن الشهيد يبعث في حاله وهيئته التي قبض عليها" (٢).

وقال الإمام ابن عبد البر: "وفيه دليل أن كل من قتل في سبيل الله فهو في الجنة - إن شاء الله- وكل من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى فهو في الجنة" (٣).

وظاهر هذا الحديث الشريف: أنه لا فرق في ذلك بين أن يستشهد أو تبرأ جراحته، لقوله: كل كَلْم، والحكمة في ذلك: أن يكون معه شاهد فضيلة وبذله نفسه في طاعة الله تعالى (٤).

وأخرج الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن محرماً أوقصته ناقته فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» (٥).

قال الإمام النووي:" قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً وملبداً ويلبي» معناه: على هيئته التي مات عليها، ومعه علامة لحجه، وهي دلالة الفضيلة كما يجيء الشهيد يوم القيامة وأوداجه تشخب دماً " (٦).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد والسير، باب من يجرح في سبيل الله عز وجل ح (٢٨٠٣).
(٢) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٥/ ٢٠).
(٣) ابن عبد البر: الاستذكار، دار الكتب العلمية -بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ (٥/ ٩٧).
(٤) العراقي: طرح التثريب، مكتبة الباز - مكة، ط ١ ١٤٢٤ هـ (٧/ ٢٠٠).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز باب الكفن في ثوبين ح (١٢٦٥)، وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب ما يفعل بالمحرم إذا مات ح (١٢٠٦).
(٦) النووي: شرح مسلم، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٢ هـ (٨/ ١٣٠).

<<  <   >  >>