للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الشيخ ابن عثيمين المقصود من هذا الاقتران والترابط فقال:" فالمقصود بهذا الإغراء والحث، وهذه قاعدة ينبغي أن يتنبه لها الإنسان، فكل وصف محمود ذكر في مقام التحذير فالمقصود به الإغراء، كأنه يقول: إن كنت كريماً حقاً، فهذا لا يمكن أن يقع منك، إن كنت مؤمناً بالله واليوم الآخر فهذا لا يمكن أن يقع منك " (١).

فهذه صور متنوعة تدل على شمول الشريعة وكمالها، تدل على عنايتها الفائقة بذكر أخبار المعاد واليوم الآخر، وهي نماذج وشواهد، وإلا فالمتتبع للسنة النبوية المطهر يجد الكم الهائل من الأحاديث التي عنيت ببيان الآخرة وأحوالها وتفاصيلها.

وبما أن السنة كانت ولا زالت وستزال، معيناً صافياً، ينهل منه كل وارد تبهر العقول بنصوصها، وتنير الدروب بوضوحها، فلا عجب حينها من تضافر النصوص، وتكاثر الشواهد، واستفاضة الأخبار المتعلقة بالدار الآخرة.

وهذه السنة المطهرة التي نقلت لنا تفاصيل الشرائع وفروع الأحكام، يظهر فيها بوضوح أن ما نقلته من هذه الأصول والأحكام، تشير إلى أمر المعاد وتدل عليه.

فالأذان مع كونه من شعائر الإسلام الظاهرة إلا أن فيه دلالة على المعاد يقول الحافظ ابن حجر: "ثم دعا إلى الفلاح، وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد " (٢).

وكذا بقية الأركان والأصول، ففي تشريعاتها هداية للآخرة والمعاد، ففيها صلاح للدنيا والآخرة، ولذا كان من دعاء المؤمنين:" اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر" (٣).


(١) ابن عثيمين: الشرح الممتع، دار ابن الجوزي - الدمام، ط ١ ١٤٢٢ هـ (١٣/ ٣٩٩).
(٢) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (٢/ ٧٧).
(٣) أصل الحديث في صحيح مسلم، في كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل ح (٢٧٢٠)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي.

<<  <   >  >>