للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام ابن القيم:" وهذه شبهة تليق بعقول المكذبين الذين لا سمع لهم ولا عقل، فإن الحياة لا تجامع الموت في المحل الواحد ليلزم ما قالوا، بل إذا أوجد الله فيه الحياة وطبعها، ارتفع الموت وهذا الشجر الأخضر طبعه الرطوبة والبرودة، تخرج منه النار الحارة اليابسة " (١).

وها نحن أولاد أبناء البشر، مع ضعفنا وعجزنا قد استطعنا بما كشفنا من قوانين ونواميس وضعها رب هذا الكون في الكون، - وعلمناها بما شاء من وسائل التعليم - أن نعيد الحرارة بعد ذهابها بالضغط على (زر كهربائي) أفيجوز بعد ذلك أن نتساءل هذا التساؤل الساذج القائل: من ذا الذي يستطيع أن يوجد الحرارة بعد ذهابها من الجسم بموته، أو تمزقه، أو فنائه! (٢).

٦ - قال منكرو البعث: إن الإنسان إذا مات جفت أعضاؤه، وتناثرت وتفرقت في حوالى العالم، فاختلط بتلك الأجزاء سائر أجزاء العالم، أما الأجزاء المائية في البدن فتختلط بمياه العالم، وأما الأجزاء الترابية فتختلط بتراب العالم، وأما الأجزاء الهوائية فتختلط بهواء العالم، وأما الأجزاء النارية فتختلط بنار العالم وإذا صار الأمر كذلك فكيف يُعقل اجتماعها بأعيانها مرة أخرى!؟ وكيف يعقل عود الحياة إليها بأعيانها مرة أخرى!

قال الإمام الرازي:" والجواب عنها: " أن هذا الإشكال لا يتم إلا بالقدح في كمال علم الله وفي كمال قدرته، أما إذا سلمنا كونه تعالى عالماً بجميع الجزئيات، فحينئذ هذه الأجزاء وإن اختلطت بأجزاء العالم إلا أنها متمايزة في علم الله تعالى، ولما سلمنا كونه تعالى قادراً على كل الممكنات، كان قادراً على إعادة التأليف والتركيز والحياة والعقل إلى تلك الأجزاء بأعيانها، فثبت أنه متى سلمنا كمال علم الله وكمال قدرته زالت هذه الشبهة بالكلية" (٣).


(١) ابن القيم: إعلام الموقعين، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١١ هـ (١/ ١١٠).
(٢) الغزالي عيد: ثمرات الإيمان باليوم الآخر: مقال ضمن مجلة البحوث الإسلامية، العدد ٨، ١٤٠٣ هـ (٢٧٦)
(٣) الرازي: مفاتيح الغيب (٢٠/ ٣٥٢)، يسر ميض: اليوم الآخرص (١٧).

<<  <   >  >>