للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - قال منكرو البعث: إن إعادة الشيء الذي انعدم وفني مستحيلة فيكف تقولون بها؟

والجواب أن يقال: بمنع امتناع الإعادة، إذ الإعادة أسهل من البدء - في مقاييسنا نحن البشر - أما في قدرة الله تعالى، فالبدء والإعادة سواء، كلاهما على الله يسير، قال جل وعلا: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)} [الروم:٢٧].

قال التفتازاني: "ولو سلم فالمراد: إعادة الأجزاء إلى ما كانت عليه من التأليف والحياة ونحو ذلك، ولا يضرنا كون المعاد مثل المبدأ لا عينه " (١). ... ويشار هنا إلى إجماع أهل السنة إلى أن الأجسام الدنيوية تعاد بأعيانها وأعراضها، كما نقله جماعة من أهل العلم منهم الإمام القرطبي (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والمعاد هو الأول بعينه، وإن كان ين لوازم الإعادة ولوازم البدأة فرق" (٣)، فعجب الذنب هو الذي يبقى، وأما سائره فيستحيل، فيعاد من المادة التي استحال إليها، ومعلوم أن من رأى شخصاً وهو صغير، ثم رآه وقد صار شيخاً، علم أن هذا هو ذاك، مع أنه دائماً في تحلل واستحالة، وكذلك سائر الحيوان والنبات، فمن رأى شجرة وهي صغيرة، ثم رآها كبيرة، قال: هذه تلك، وليست صفة تلك النشأة الثانية مماثلة لصفة هذه النشأة، حتى يقال إن الصفات هي المتغيرة (٤).

وذكر الإمام أبو الحسن الأشعري أن أكثر المسلمين يقولون: إن المبتدأ في الدنيا هو المعاد في الآخرة (٥).


(١) التفتازاني: شرح المقاصد في علم الكلام، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٢/ ٢١٣).
(٢) القرطبي: التذكرة، ص (٢٠٧)، السفاريني: لوامع الأنوار البهية (٢/ ١٦١).
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (١٧/ ٢٥٥).
(٤) ابن أبي العز: شرح الطحاوية، وزارة الأوقاف السعودية، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٤١٠).
(٥) الأشعري: مقالات الإسلاميين، المكتبة العصرية، ط ١ ١٤٢٦ هـ، ص (٢/ ٦٢).

<<  <   >  >>