٨ - قال منكرو البعث: إن الإعادة أمر خارج عن نطاق القدرة، فهذا العالم أجهده وأعياه، فلا يستطيع رده بعدما أفناه، فإحياء الموتى أمر غير ممكن!
وجواباً عن هذه الشبهة السقيمة يقال: إنما يعيا ذو القدرة المحدودة، الذي يبذل جهداً في العمل، ويحتاج لآلة أو طاقة، أما الآلة القادر على كل شيء فهو كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس:٨٢]، وحيث أن إحياء الموتى أمر ممكن وليس محالاً، فسعة القدرة الإلهية شاملة لهذا المورد، يقول تعالى: {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)} [هود:٤].
قال جل شأنه: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨)} [البقرة:١٤٨]، فذكر سبحانه أمر المعاد وأردفه بالعموم وشمول القدرة الإلهية، وذكر القدرة دليل على إمكان الإعادة.
٩ - قال منكرو البعث: أن المعاد أمر لا فائدة فيه، فما الداعي لتخريب هذا العالم بعد إبداله بعالم آخر! والحكمة تقتضي دوام النوع الإنساني شيئاً بعد شيء، هكذا أبداً، كلما مات جيل خلقه جيل آخر، فأما أن يميت النوع الإنساني كله ثم حييه بعد ذلك، فلا حكمة فيه!!
قال جواباً عن هذه الشبهة: إن حكمة الله تعالى وعظمته أكبر مما تجلى في هذا العالم الذي خلقه للفناء، ولو كانت حكمته محدودة بهذه الدنيا الفانية، لكان خلقها كالعبث واللعب، والله جل وعلا وتقدس منزه عن ذلك سبحانه.
١٠ - قال منكرو البعث: إذا أكل إنسان إنساناً آخر، وصارت أجزاء المأكول في أجزاء الأول: فكيف يعودان؟ إما أن تعاد إلى بدن الآكل فلا يبقى للمأكول أجزاء تخلق منها أعضاؤه، وإما أن تعاد إلى بدن المأكول منه فلا يبقى للآكل أجزاء! بمعنى: أيعود الشخصان وقد صارا جثة واحدة؟ أم يعود واحد منهما فقط، فأين الثاني؟